ولما ذكر الأنهار ذكر ما ينشأ عن المياه فقال :﴿ومن كل الثمرات﴾ ويجوز أن يكون متعلقاً بما قبله، ثم يكون كأنه قيل : من ينتفع بهذه الأشياء ؟ فقيل :﴿جعل فيها﴾ أي الأرض ﴿زوجين اثنين﴾ ذكراً وأنثى من كل صنف من الحيوان ينتفع بها، ويجوز أن يكون متعلقاً بما بعده فيكون التقدير : وجعل فيها من كل الثمرات زوجين اثنين ذكراً وأنثى تنتفع الأنثى بلقاحها من الذكر أو قربه منها فيجود ثمرها ؛ والثمرة طعمة الشجرة، والزوج : شكل له قرين من نظير أو نقيض، فكأنه قيل : ما الذي ينضجها ؟ فقال :﴿يغشى اليل النهار﴾ أي النهار الليل، فينضج هذا بحره ويمسك هذا ببرده، فيعتدل فعلمها على ما قدره تعالى لهما في السير من الزيادة والنقصان للحر والبرد للإخراج والإنضاج إلى غير ذلك من الحكم النافعة في الدين والدنيا الظاهر لكل ذي عقل أنها بتدبيره بفعله واختيار وقهر واقتداره.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٢٢
ولما ساق سبحانه هذه الآيات مفصلة إلى أربع وكان فيها دقة، جمعها وناطها بالفكر فقال :﴿إن في ذلك﴾ أي الذي وقع التحديث عنه من الآيات متعاطفاً ﴿لآيات﴾ أي دلالات واضحات عجيبات باهرات على أن ذلك كله مستند إلى قدرته واختياره، ونبه على أن المقام يحتاج إلى تعب بتجريد النفس من الهوى وتحكيم العقل صرفاً
١٢٣


الصفحة التالية
Icon