ولما كان كل أحد دونه في الرتبة لا إمكان له أن يقوم مقامه بوجه، قال :﴿وما لهم وبين سفول الرتب كلها عن رتبته فقال :{من دون﴾ وأعرق في النفي فقال :﴿من﴾ ولما كان السياق ظاهراً في أنه لا منفذ لهم مما أراده، أتى بصيغة فاعل منقوص إشارة إلى نفي أدنى وجوه الولاية فكيف بما فوقها فقال :﴿وال*﴾ أي من ملجأ يعيذهم، بأن الفعل معهم من الإنجاء والنصرة ما يفعل القريب مع وليه الأقرب إليه، ثم أخبر تعالى بأمر هو أدلة ما قبله جامع للعلم والقدرة وهو ألطف من ذلك كله، معلم بجليل القدرة في أنه إذا أراد سوءاً فلا مرد له، ودقيق الحكمة لأنه مظهر واحد ترجى منه النعمة وتخشى منه النقمة فقال :﴿هو﴾ أي وحده ﴿الذي يريكم﴾ أي على سبيل التجديد دائماً ﴿البرق﴾ وهو لمع كعمود النار ﴿خوفاً﴾ أي لأجل إرادة الخوف من قدرته على جعله صواعق مهلكة، والخوف : انزعاج النفس بتوهم وقوع الضر.
ولما لم يكن لهم السبب في إنزال المطر، لم يعبر بالرجاء وقال :﴿وطمعاً﴾ أي ولأجل إرادة طمعكم في رحمته بأن يكون غيثاً نافعاً، ولا بد من هذا التقدير ليكونا فعل فاعل الفعل المعلل، ويجوز أن يكون المعنى : يريكم ذلك إخافة وإطماعاً فتخافون خوفاً وتطمعون طمعاً، فتكون الآية من الاحتباك : فعل الإراءة دال على الإخافة والإطماع، والخوف والطمع دالان على " تخافون وتطمعون " ويجوز أن يكونا حالين من ضمير المخاطبين أي ذوي خوف وطمع ﴿وينشىء﴾ والإنشاء : فعل الشيء من غير سبب مولد ﴿السحاب﴾ وهو غيم ينسحب في السماء، وهو اسم جنس جمعي، واحده سحابه ﴿الثقال*﴾ بأنهار الماء محمولة في الهواء على متن الريح ؛ والثقيل : الاعتماد على جهة
١٣١


الصفحة التالية
Icon