فهذا مثل الباطل من الشكوك والشبه وما أثاره أهل العناد، لا بقاء له وإن جال جولة - يمتحن الله بها عباده ليظهر الثابت من المزلزل - ثم ينمحق سريعاً ؛ وقال الرماني : والجفاء : بنوّ مكان الشيء به حتى يهلك ﴿وأما ما ينفع الناس﴾ من الماء والفلزالذي هو مثل الحق ﴿فيمكث في الأرض﴾ ينتفع الناس بالماء الذي به حياة كل شيء، والفلز الذي به التمام، فالماء والمعدن مثل القرآن لما فيه من حياة القلوب وبقاء الشرع كما أن الماء يحيى الأراضي الميتة، والمعادن تحيي موات العيش وتنظم المعاملات المقتضية لاختلاط بعض الناس ببعض وائتلافهم بالحاجة، والأودية والأواني مثل القلوب يثبت منه فيها ما تحتمله على قدر سعة القلب وضيقه بحسب الطهارة وقوة الفاهمة.
ولما انقضى هذا المثل على هذا البيان الذي يعجز دونه الثقلان، لأنه أحسن شيء معنى بأوجرعبارة وأوضح دلالة، كان كأنه قيل : هل يتبين كل شيء هذا البيان ؟ فقيل : نعم، ﴿كذلك﴾ أي مثل ذلك الضرب ﴿يضرب الله﴾ أي الذي له الإحاطة الكاملة علماً وقدرة ﴿الأمثال﴾ فيجعلها في غاية الوضوح وإن كانت في غاية الغموض.
١٤١
ومادة " جفا " - واوية ويائية مهموزة وغير مهموزة بكل ترتيب، وهي جفأ جأف فجأ، جفي جيف فيج، جفو جوف فوج، فجو وجف - تدور على الطرح : جفأ الوادي والقدر : رميا بالجفاء أي الزبد وجفأ القدر والوادي : مسح غثاءه أي فطرحه - وجفأه : صرعه، والبرمة في القصعة : كفاها - أي طرح ما فيها - والباب : أغلقه وفتحه - ضد، لأنه في كليهما كالمرمي به، والبقل : قلعه من أصله، والجفاء - كعزاب : الباطل، لأنه أهل للقذف به والطرح، والسفينة الخالية، لأنا بمعرض قذف الماء لها.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٤٠


الصفحة التالية
Icon