ولما ذكر ما للطائعين، أتبعه جزاء العاصين، فقال مبتدئاً :﴿والذين لم يستجيبوا﴾ أي يرغبوا في إيجاد الإجابة ﴿له﴾ وأخبر عن هذا الابتداء قوله معلماً بأن استعجالهم بالعذاب باستعجالهم بالسيئة قبل الحسنة جراءة منهم ناشئة عن جهل صرف تزول عند رؤيتهم عذابه سبحانه، فيبلغون حينئذ بالافتداء غاية الذل فلا يقبل منهم - :﴿لو أن لهم﴾ أي في ملكهم وتحت قدرتهم ﴿ما في الأرض﴾ وأكد بقوله :﴿جميعاً ومثله﴾ وأوضح بقوله :﴿معه لافتدوا به﴾ أي جعلوا فكاك أنفسهم بغاية جهدهم، وأكده لادعاء الكفرة أنهم لا يذلون لشيء ولا يوهن قواهم شيء، والافتداء : جعل أحد الشيئين بدلاً من الآخرعلى جهة الاتقاء به، فكأنه قيل : ما الذي دهاهم حتى كان هذا حالهم ؟ فقيل - دلالة على أنه لا يقبل منهم الفداء ولو عظم - :﴿أولئك﴾ أي البعداء البغضاء ﴿لهم سوء الحساب*﴾ والحساب : إحصاء ما على العبد وله، وسوء المؤاخذة، وعدم العفو عن شيء ﴿ومأواهم﴾ أي مستقرهم ﴿جهنم﴾ أي الطبقة التي تلقى داخلها بالتجهم والعبوسة.
ولما كان المأوى إنما يأوى إليه صاحبه للراحة فيه بالاتكاء على فرش ونحوه، قال معبراً بمجمع المذام :﴿وبئس المهاد*﴾.
١٤٤
ولما افترق حال ما أجاب ومن أعرض في الجزاء، وكان ما مضى مستوفياً طرق البيان بإيضاح الأمر بالجزيئات والأمثلة مع الترغيب والترهيب.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٤٤


الصفحة التالية
Icon