ولما كان ريّاً حقيقياً في أرض هي في غاية الخلوص والطيب، كان سبباً لدوام ثمرها واستمساك ورقها، فلذلك أتبعه قوله :﴿أكلها﴾ أي ثمرها الذي يؤكل ﴿دائم﴾ لاينقطع أبداً ﴿وظلها﴾ ليس كما في الدنيا، لا ينسخ بشمس ولا غيرها، قال أبو حيان : تقول : مثلت الشيء - إذا وصفته وقربته للفهم، وليس هذا ضرب مثل، فهو
١٥٧
كقوله ﴿ولله المثل الأعلى﴾ [النحل : ٦٠]، أي الصفة العليا - كذا قال، ويمكن أن يكون ذلك حقيقة، ويكون هناك محذوف، وهو جنة من جنان الدنيا تجري من تحتها الأنهار - إلى آخره، وهو من قول الزجاج.
ثم ابتدأ إخباراً آخر تعظيماً لشأنها وتفخيماً لأمرها في قوله تعالى :﴿تلك﴾ أي الجنة العالية الأوصاف ﴿عقبى﴾ أي آخر أمر ﴿الذين اتقوا﴾ ثم كرر الوعيد للكافرين فقال :﴿وعقبى﴾ أي منتهى أمر ﴿الكافرين﴾ بالرحمن، المتضمن للكفر بالوحي والموحى إليه ﴿النار*﴾.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٥٧