ولما كان من حث على شيء وأثاب عليه أو نهى عنه وعاقب على فعله يكون لغرض له، بين أن الله سبحانه متعال عن أن يلحقه ضر أو نفع، وأن ضر ذلك ونفعه خاص بالعبد فقال تعالى حاكياً عنه :﴿وقال موسى﴾ مرهباً لهم معلماً أن وبال الكفران خاص بصاحبه ﴿إن تكفروا﴾ والكفر : تضيع حق النعمة بجحدها أو ما يقوم في العظم مقامه ﴿أنتم ومن في الأرض﴾ وأكد بقوله :﴿جميعاً﴾ فضرره لاحق بكم خاصة غير عائد على الله شيء منه ﴿فإن الله﴾ أي الملك الأعظم ﴿لغني﴾ أي في ذاته وصفاته عن كل أحد، والغنى هنا المختص بما ينفي لحاق الضرر أو النقص، والمختص بأنه قادر لا يعجزه شيء، عالم لا يخفي عليه شيء، وذلك بنفسه لا بشيء سواه، ومن لم يكن كذلك لم يكن غنياً ﴿حميد*﴾ أي بليغ الاستحقاق للحمد بما له من عظيم النعم وبما له من صفات الكمال، وكل مخلوق يحمده بذاته وأفعاله وجميع أقواله كائنة ما كانت، لأن إيجاده لها ناطق بحمده سبحانه.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٧٢
ذكر التأذن بذلك المذكر به من التوراة : قال في السفرالخامس : واختاركم الله ربكم أن تكونوا له شعباً حبيباً من جميع الشعوب التي على وجه الأرض، وليس لأنكم أكثر من جميع الشعوب أحبكم الرب
١٧٢