تسكيناً لقلوبهم وتسلية لنفوسهمن وأكد لما - لمن ينظر كثرة الكفاروقوتهم - من التوقف في مضمون الخبر ولا سيما إن كان كافراً، قائلاً :﴿لنهلكن﴾ بما لنا من العظمة المقتضية لنفوذ الأمر ؛ والإهلاك : إذهاب الشيء إلى حيث لا يقع عليه الإحساس ﴿الظالمين*﴾ أي العريقين في الظلم، وربما تبنا على بعض من أخبرنا عنه بأنه كفر، وهو من لم يكن عريقاً في كفره الذي هو أظلم الظلم ﴿ولنسكننكم﴾ أي دونهم ﴿الأرض﴾ أي مطلقها وخصوص أرضهم، وأشار إلى عدم الخلود بالجار فقال :﴿من بعدهم﴾ بأن نورثكموها سواء قدرناهم على إخراجكم أم لا، فكأنه قيل : هل ذلك خاص بهم ؟ فقيل : لا، بل ﴿ذلك﴾ أي الأمر العالي المرام ﴿لمن خاف مقامي﴾ أي المكان الذي يقوم فيه من أحاسبه : ماذا تكون عاقبته فيه، وهو أبلغ من : خافني، ﴿وخاف وعيد*﴾ لا بد أن أهلك ظالمه وأسكنه أرضه بعده، فاستبشروا بذلك الوعد من الله تعالى ﴿واستفتحوا﴾ على أعدائهم فأفلحوا وأنجحوا ﴿وخاب كل جبار عنيد﴾ فأهلكناهم كلهم، وكان لنا الغنى والحمد بعد إهلاكهم كما كان قبله ؛ والعناد : الامتناع من الحق مع العلم به كبراً وبغياً، من عند عن الحق عنوداً، والجبرية : طلب علو المنزلة بما ليس وراءه غاية في الصفة، فهو ذم للعبد من حيث إنه طالب ما ليس له ؛ ثم أتبعه ما هو كدليل على خيبته من أن سيره إلى ما أمامه من العذاب، فهو واقع فيه لا محالة وهو يشعر، وعبر عن غفلته عنه بقوله :﴿من ورائه جهنم﴾ أي لا بد أنه يتبوأها.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٧٧


الصفحة التالية
Icon