فكيف يظن أنه يخلق شيئاً فيهما سدى بأن يكون باطلاً فلا يبطله، أو حقاً فلا يحقه، أم كيف يتوهم أنه - مع القدرة على إخراجهما من العدم وهما أكبر خلقاًوأعظم شأناً - لا يقدر على إعادة من فيهما وهم أضعف أمراً وأصغرقدراً، أو خلقهما بسبب الحق وهو إعادة الناس إعادة يثبتون بها ويبقون بقاء لا فناء بعده، فتسبب عن ذلك أنه عظيم القدرة، فهو بحيث ﴿أن يشأ يذهبكم﴾ أي بنوع من أنواع الإذهاب : الموت أو غيره ﴿ويأت بخلق جديد﴾ غيركم أو يأت بكم بعد أن فنيتم بحيث تعودون - كما أنتم - خلقاً جديداً ؛ والجديد : المقطوع عنه العمل في الابتداء، وأصله القطع، فالجد أب الأب، انقطع عن الولادة بالأب، والجد ضد الهزل، يقطع به المسافة حساً أو معنى ﴿وما ذلك﴾ الإذهاب والإتيان على عظمه ﴿على الله﴾ أي الملك الأعلى ﴿بعزيز*﴾ وهو الممتنع بوجه من وجوه الامتناع لأنه ليس مثل خلق السماوات والأرض فضلاً عن أن يكون أعظم منه، فلا وجه لقولكم ﴿هل ندلكم على رجل ينبئكم﴾ [سبأ : ٧]، الآية لأن من قدر على جميع الممكنات لا اختصاص له بمقدور دون مقدور، فثبت بهذا إبعادهم في الضلال الموجب لهلاك أعمالهم - التي هي أسبابهم - الموجب لهلاكهم.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٧٩