ولما كانت الإقامة لا تطيب إلا بإذن المالك قال :﴿بإذن ربهم﴾ الذي أذن لهم - بتربيته وأحسانه - في الخروج من الظلمات إلى النور، وقرىء " وأدخل " على التكلم فيكون عدل عن أن يقول " بإذني " إلى ﴿بإذن ربهم﴾ للإعلام بالصفة المقتضية للرحمة كما قال تعالى ﴿إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك﴾ [الكوثر : ١] ولم يقل : لنا - سواء، ومن شكله ﴿إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر لك الله﴾ [الفتح : ١] فلا ينبغي المسارعة إلى أنكار شي يمكن توجيهه، بل يتعين إمعان النظر، فإن الأمر كما قال الإمام أبو الفتح بن جني في كتابه المحتسب في توجيه ﴿لما يهبط من خشية الله﴾ [البقرة : ٧٤] أن كلام العرب لمن عرفه - ومن الذي يعرفه ؟ - ألطف من السحر، وأنقى ساحى من مشوف الفكر، وأشد تساقطاً بعضاً على بعض، وأمسّ تسانداً نفلاً إلى فرض ﴿تحيتهم﴾ أي فيما بينهم وتحية الملائكة لهم ؛ والتحية : التلقي بالكرامة ف المخاطبة، فهي إظهار شرف المخاطب ﴿فيما سلام*﴾ أي عافية وسلامة وبقاء، وقول من كل منهم للآخر : أدام الله سلامتك، ونحو هذا من الإخبار بدوام العافية، كما أن حال أهل الباطل في النار عطب وآلام.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٨١


الصفحة التالية
Icon