ولما ذكر البروج، وصف سبحانه السماء المشتملة عليها فقال :﴿وزيناها﴾ أي السماء لأنها المحدث عنها بالكواكب ﴿للناظرين﴾ أي لكل من له أهبة النظر، في دلائل الوحدانية، لا عائق له عن معرفة ذلك إلا عدم صرفه النظر إليه بالبصر أو بالبصيرة ﴿وحفظناها﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿من كل شيطان﴾ أي بعيد من الخير محترق ﴿رجيم﴾ مستحق للرجم وهو رمي الشيء بالاعتماد من غير آلة مهيأة للإصابة كالقوس فإنها للرمي لا للرجم ومستحق للشتم، لأنه قوال بالظن وما لا حقيقة له ﴿إلا من استرق السمع﴾ منهم فإنا لم نرد تمام الحفظ منه ﴿فأتبعه﴾ أي تبعه تبع من هو حاث لنفسه سائق لها ﴿شهاب﴾ وهو عمود من نور يمتد بشدة ضيائه كالنار ﴿مبين*﴾ يراه من فيه أهلية الرؤية حين يرجم به ؛ روى البخاري في التفسير عن أبي هريرة رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال :"إذا قضي الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله، كأنه سلسلة على صفوان ينفذه ذلك، فإذا فزع عن قلوبهم قالوا : ماذا قال ربكم ؟ قالوا للذي قال : الحق وهو العلي الكبير، فيسمعها مسترقي السمع ومسترقوا السمع، هكذا واحد فوق آخر - ووصف سفيان بيده بن أصابعه اليمنىن نصبها بعضها فوق بعض - فربما أدرك الشهاب المستمع قبل أن يرمي بها إلى صاحبه فيحرقه وربما لم يدركه حتى يرمي بها إلى الذي يليه إلى الذي هو أسفل منه حتى بلغوها إلى الأرض، وربما" قال سفيان : حتى ينتهي إلى الأرض، فتلقى على فم الساحر فيكذب معها مائة كذبه فيصدق فيقولون : ألم يخبرنا يوم كذا وكذا يكون كذا وكذا
٢١٢
فوجدناه حقاً للكلمة الني سمعت من السماء.


الصفحة التالية
Icon