ولما كان الزجر في هذه السورة أعظم من الزجر في سورة هود عليه السلام، لطلبهم أن يأتي بجميع الملائكة، أعاد الضمير على المعذبين لا على مدنهم - كما مضى في سورة هود عليه السلام - لأن هذا أصرح، فقال :﴿عليهم﴾ أي أهل المدائن التي قلبت المدائن لأجلهم ﴿حجارة من سجيل﴾ ثم حقق أن ذلك كله شرح لقوله ﴿وليذكر أولوا الألباب﴾ بقوله :﴿إن في ذلك﴾ أي الأمر العظيم جداً ﴿لآيات﴾ أي عدة من جهة غمرها بالماء بعد خسفها، ومن جهة كونه مخالفاً لمياه الأرض بالنتن والخباثة، وعدم
٢٣١
عيش الحيوان فيه، وعدم النفع به، ومن جهة فظاعة منظرة - وغير ذلك من أمره ﴿للمتوسمين*﴾ جمع متوسم، وهو الناظر في السمة الدالة - وهي الأثر ذلك، فهو إلهاب لهم وتبكيت ؛ ثم بين أن ذلك غير خفي عنهم ولا بعيد عمن أراد الاتعاظ به، فقال جعلاً لهم - لعدم اعتبارهم بها ومع رؤيتهم إياها في كل حين - في عداد المنكرين :﴿وإنها﴾ أي هذه المدائن ﴿لبسبيل مقيم*﴾ أي ثابت، وهو مع ذلك مبين، فالاعتبار بها في غاية السهولة لقومك، وكانوا يمرون عليها في بعض أسفارهم إلى الشام.


الصفحة التالية
Icon