جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٣٥
فأزعجتهم عنها صيحة سلبت أرواحهم، وقلبت أشباحهم، كما سيكون لأهل الأرض قاطبة بنفخة الصور، عند نفوذ المقدور، وكان قد قدم ذكر كثير مما في السماوات والأرض من الآيات والعبر بقوله تعالى ﴿ولقد جعلنا في السماء بروجاً﴾ وما بعد ذلك من الجن والإنس وغيرهما مما جعل ذكر اختراعه دليلاً على الساعة، أتبع ذلك أن سبب خلق ذلك كله وما حواه من الخافقين إنما هو الساعة فقال ﴿وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق﴾ أي بالأمر الثابت لا بالتمويه والسحر كما أنتم تشاهدون، أو بسبب إقامة الحق وإبانته من الباطل إبانة لا شك فيها يوم الجمع الأكبر، ومن إقامة الحق تنعم الطائع وتعذيب العاصي، وذلك بعد إتيان الساعة بنفختي الصور ﴿وإن الساعة لآتيه بالحق﴾ أيضاً، وليست سحراً
٢٣٨
كما تظنون، ولما كان إتيانها لهذا العرض مما يشفي القلب لإدراك الثأر وهو حق لا بد منه، تسبب عنه قوله تعالى ﴿فاصفح الصفح الجميل﴾.


الصفحة التالية
Icon