في ابتغاء الصواب، فقال :﴿وترى الفلك﴾ ولما كان النظر إلى تعداد النعم هنا أتم منه في سورة فاطر، قدم المخر في قوله :﴿مواخر فيه﴾ أي جواري تشق الماء مع صوت، لتركبوها فتستدلوا - بعدم رسوبها فيه مع ميوعه ورقته وشدة لطافته - على وحدانية الإله وقدرته.
ولما علل التسخير بمنفعة البحر نفسه من الأكل وما تبعه، عطف على ذلك النفع به، فقال تعالى :﴿ولتبتغوا﴾ أي تطلبوا طلباً عظيماً بركوبه ﴿من فضله﴾ أي الله بالتوصل بها إلى البلدان الشاسعة للمتاجر وغيرها ﴿ولعلكم تشكرون*﴾ هذه النعم التي أنتم عاجزون عنها لولا تسخيره ؛ والمخر : شق الماء عن يمين وشمال، وهو أيضاً صوت هبوب الريح إذا اشتد هبوبها، وقد ابتدئ فيه بما يغوص تارة ويطف أخرى بالاختيار، وثنى بما طبعه الرسوب، وثلث بما من طبعه الطفوف.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٥٣
ولما ذكر الأغوار، الهابطة الضابطة للبحار، أتبعها الأنجاد الشداد، التي هي كالأوتاد، تذكيراً بما فيها من النعم فقال :﴿وألقى في الأرض﴾ أي وضع فيها وضعاً، كأنه قذفه فيها قذفاً، جبالاً ﴿رواسي﴾ مماسة لها ومزينة لنواحيها، كراهة ﴿أن تميد﴾ أي تميل مضطربة يميناً وشمالاً، أي فيحصل لكم الميد، وهو دوار يعتري راكب البحر ﴿بكم﴾ في ثابتة لأجل ذلك الإلقاء، ثابتة مع اقتضائها بالكرية التحرك.