ناساً مخصوصين لم يستغرقوا زمان القبل، أدخل فقال تعالى :﴿من قبلهم﴾ ممن رأوا آثارهم ودخلوا ديارهم ﴿فأتى الله﴾ أي بمت له من مجامع العظمة ﴿بنيانهم﴾ أي إتيان بأس وانتقام ﴿من القواعد﴾ التي بنوا عليها مكرهم ﴿فخر﴾ أي سقط مع صوت عظيم لهدته ﴿عليهم السقف﴾.
ولما كانت العرب تقول : خر علينا ووقع علينا حائط - إذا كان يملكه وإن لم يكن وقع عليه كما نقله أبو حيان عن ابن الأعرابي، قال تعالى صرفاً عن هذا إلى حقيقة السقوط المقيد بالجار :﴿من قولهم﴾ وكانوا تحته فهلكوا كما هو شأن البنيان إذا زالت قواعده.
ولما كان المكر هو الضر في خفية، لأنه القتل بالحيلة إلى جهة منكرة، بين أن ما حصل لهم من العذاب هو من باب ما فعلوا بقوله :﴿وأتاهم العذاب﴾ أي الذي اتفقت كلمة الرسل على الوعيد به لمن أبى ﴿من حيث لا يشعرون*﴾ لأن السبب الذي أعدوه لنصرهم كان بعينه سبب قهرهم، وهذا على سبيل التمثيل، وقيل : إنه على الحقيقة فيما بناه نمرود من الصرح.


الصفحة التالية
Icon