جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٧٨
ولما بين سفههم في صرفهم مما آتاهم إلى ما هو في عداد العدم الذي لا يعلم، بين لهم سفهاً هو أعظم مكن ذلك بجعلهم لمالك الملك وملكه أحقر ما يعدونه مما أوجده لهم، لا فتقارهم إليه وغناه عنه على وجه التوالد المستحيل عليه مع كراهته لأنفسهم، فصار ذلك أعجب العجب، فقال تعالى :﴿يجعلون الله﴾ أي الذي لا معلوم على الحقيقة سواه لاستجماعه لصفات الجلال والإكرام.
ولما كان المراد تقريعهم، وكانت الأنوثة ربما أطلقت على كرائم الأشجار، نص على المراد بقوله :﴿البنات﴾ فلا أعجب منهم حيث يجعلون الوجود للمعدوم المجهول، ويجعلون العدم للموجود المعلوم ؛ ثم نزه نفسه عن ذلك معجباً من وقوعه من عاقل بقوله تعالى :﴿سبحانه﴾.
ولما ذكر ما جعلوا له مع الغنى المطلق، بين ما نسبوا لأنفسهم مع لزوم الحاجة والضعف فقال :﴿ولهم ما يشتهون*﴾ من البنين، وذلك في جملة اسمية مدلولها الثبات، ليكون منادياً عليهم بالفضيحة، لأنهم لا يبقون لأبنائهم ولا يبقى أبناؤهم لهم، وقد يكونون أعدى أعدائهم ؛ ثم بين حالهم إذا حصل لهم نوع ما جعلوه له سبحانه فقال
٢٧٩
تعالى :﴿وإذا﴾ أي جعلوا كذا والحال أنه إذا ﴿بشر أحدهم﴾ ولما تعين وزال المحذور، جمع بين الخساستين كما بين آخر الصافات فقال تعالى :﴿بالأنثى﴾ أي قابل هذه البشرى التي تستحق السرور بحصول نسمة تكون سبباً لزيادة هذا النوع، وقد تكون سبب