وهذه الأبصار كلها مجموعة لرسولنا صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشرف وكرم وبجل وعظم دائماً أبداً، وله زيادة بصر قيادة الرسل وسيادتهم، فإنه سيد المرسلين وقائدهم، وكان مطلعاً على الملك والملكوت كما قال : زويت لي الأرض مشارقها ومغرابها - انتهى.
وهذا الأخي رواه مسلم وأبو داود والترمذي عن ثوبان رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال :"إن الله تعالى زوى لي الأرض فرأيت مشراقها ومغرابها" وكان يبصر من ورائه كما يبصر من أمامه - كما أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث أنس رضي الله عنه، وفي كثير من طرقه عدم التقييد بالصلاة، وهذا صريح في أن بصره لم يكن متقيداً بالعين، بل خلق الله تعالى الأبصار في جميع أعضائه وكذا السمع، فإن كون العين محلاً لذلك وكذا الأذن إنما هو بجعل الله، ولو جعل ذلك في غيرهما لكان كما يريد سبحانه ولا مانع، ولم يكن الظلام يمنعه من نفود البصر ففي مسند أحمد عن جابر بم عبدالله رضي الله عنهما قال : فقدت رحلي ليلة فمررت على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم
٣٣٠
وهو يشد لعائشة رضي الله عنهما، فقال : ما لك يا جابر ؟ فقلت : فقدت جملي أو ذهب في ليلة ظلماء، فقال لي : هذا جملك، اذهب فخذه، فذهبت نحو ما قال لي، فلم أجده فرجعت إليه فقلت : بأبي وأمي يا رسول الله! ما وجدته، فقال لي : على رسلك، حتى إذا فرغ أخذ بيدي فانطلق حتى أتينا الجمل فدفعه إليّ، قال : هذا جملك - الحديث.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٢٧


الصفحة التالية
Icon