وعجل لهم البشرى بقوله تعالى :﴿لكم﴾ أي خاصة ﴿الكرة﴾ أي العودة والعظمة ؛ وبين أن ذلك مع السطوة بقوله سبحانه :﴿عليهم﴾ قال بعض المفسرين : في زمان داود عليه السلام ﴿وأمددناكم﴾ أي أعنَّاكم بعظمتنا ﴿بأموال﴾ تستعينون بها على قتال أعدائكم ﴿وبنين﴾ أي تقوون بهم ﴿وجعلناكم﴾ أي بعظمتنا ﴿أكثر﴾ أي من عدوكم ﴿نفيراً*﴾ أي ناساً ينفرون معكم إذا استنفرتموهم للقتال ونحوه من المهمات، والظاهر أنه ليس المراد بها المرة ما كان على يدي داود عليه السلام لأن الله يقول في هذه المرة الثانية ﴿وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة﴾ وداود عليه السلام أسس المسجد ولم يكمله، إنما أكمله ابنه سليمان عليهما السلام من بعده، والذي عز من قال أن بني إسرائيل كانوا قهروا قبل داود عليه السلام من الفلسطينين وغيرهم، ثم كان خلاصهم على يده عليه السلام - كما مضت الإشارة إليه في سورة البقرة، قال في الزبور في المزمور الثالث عشر : من يعطي صهيون الخلاص لإسرائيل ؟ إذا رد الرب سبي شعبه يتهلل يعقوب ويفرح إسرائيل ؛ وفي الثالث والأربعين : اللهم! إنا قد سمعنا بآذاننا وأخبرنا آباؤنا بالأعمال التي صنعت في أيامهم الأولى، فلنسبحك يا إلهنا كل يوم، ونشكر اسمك إلى الدهر، الآن أضعفتنا وأقصيتنا، ولم تكن يا رب تصحب جيوشنا، لكن رددتنا على أعقابنا عن أعدائنا، واختطفنا مبغضونا، جعلتنا مأكلة كالغنم، مددتنا بين الشعوب، بعث شعبك بلا ثمن، أقللت كثرة عددهم، صيرتنا عاراً في جيرتنا، هزاً وطنزاً لمن حولنا، صرنا مثلاً في الشعوب، وهزاً للرؤوس في الأمم، حزني بين يديّ النهار كله، الخزي غطى وجهي، من صوت المعير، اللهم! إن هذا كله قد نالنا ولم ننس اسمك، ولا نكثنا عهدك، ولا صرفنا قلوبنا عنك، عدلت بقصدنا عن سبلك، أنزلتنا محال وعرة، غشيتنا بظلال الموت، ولم ننسك يا رب، وقال في المزمور الثامن والسبعين والذي بعده : اللهم! إن الأمم دخلت ميراثك ونجست هيكل قدسك، جعلوا أورشليم خراباً