ولم يزل كورش يحسن إلى بني إسرائيل حتى مات وملك بعده ابنه تمكيشه فأنفذ ما كان صنعه أبوه من البر إلى اليهود وإطلاق الأموال الكثيرة لهم تعظيماً لبيت الله، وكان من بعده من ملوك الفرس على ذلك، ويطلقون ما كان كورش يطلقه للقرابين وغيرها، ويجلون بيت الله ويعظمونه ويتبركون به، حتى كان أحشويرش - وهو أردشير الملك - فتغيرت حال اليهود في زمانه بسبب وزير استوزره من العماليق يسمى هامان، ثم إن الله تعالى عطفه عليهم بسبب زوجة له من اليهود، ولم يزل أمرهم مستقيماً وهم تحت طاعة الفرس إلى أن ملك الإسكندر الثاني، قال ابن كثير في سورة الكهف : وهو الذي يؤرخ له من مملكة الروم، وقد كان قبل المسيح بنحو من ثلاثمائة سنة انتهى.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٣٧
وهو الماقيدوني اليوناني الرومين ملك بعد قتل أبيه فليفوس، وكان عمره حين ملك عشرين سنة، وكان حكيماً عارفاً بسائر العلوم، وكان الذي علمه الحكمة أرسطاطاليس الحكيم، وكان الإسكندر يشاوره في أموره ويرجع إلى رأيه وتيدرب بتدبيره، ولم يكن يشبه أباه ولا أمه، وكان الإسكندر يشاوره موجه الأسد وعيناه مختلفتين : اليمنى سوداء تنظر إلى أسفل، واليسرى صافية اللون كعين السنور تنظر إلى فوق، وأسنانه دقيقة حادة كأسنان الكلب، وكان شجاعاً جريئاً مقداماً من صباه، فلما فتح بلاد المغرب ورجع منها قصد بلاد الشام وتوجه إلى بيت المقدس فلقيه ملاك الرب فأمره أن يعظم القدس وأهلها، ففعل ثم قصد دارا الثاني ملك
٣٤٧