وإنما قلت : إن هذا إشارة إلى المرة الثانية، لأنه تكرير لذلك الذي قدمته في الأولى، فحمله على أن يكون مشيراً إلى غير ما أشار إليه الأول أولى، بل ربما كان متعيناً، ثم أخبرني بعض فضلاء اليهود أن علماءهم قالوا كذلك، وكان الخراب في هذه المرة على يد طيطوس بعد أن تملك أبوه أسفسيانوس على الروم ورجع من الأرض المقدسة بعد موت ملكهم تيروس الذي كان أرسله لقتال اليهود لما خرجوا عن طاعته، وكان معه يوسف بن كريون أحد أكابر اليهود، وكان أحد من ندبه اليهود لقتال أسفسيانوس ومن معه، فأسروه وأحسنوا إليه فاستمر عندهم، فلما مات تيروس وملكه أصحابه رجع إلى روميه وبعث ابنه للفراغ من القدس وبعث يوسف معه بعد أن استمر
٣٤٩
البيت عامراً م عمارة العزير عليه السلام أربعمائة سنة وعشرين سنة، ولم يدخل بعد هذا الخراب في أيدي اليهود، وكان هذا لثلاثمائة سنة وثمانين سنة من ولاية الإسكندر، وقال مؤرخهم في شرح هذا الخراب : إن طيطوس كان في قيسارية، فسار منها حتى انتهى إلى يالو فأخذ من نقاوة عكسره ستمائة رجل، وسار إلى بيت المقدس ليقف على أحوال المدينة، وينظر الحصنن ويعلم ما يحتاج إلى علمه، ويدبر الأمور بحسب ذلك، وعمل على أن يراسل أهل بيت المقدس بالجميل ويدعوهم إلى المسالمة ويبذل لهم الأمان، فلما قرب من المدينة وجد الأبواب مغلقة، وليس يخرج من المدينة ولا يدخل إليها أحد لما بين الخوارج من الحروب المتصلة، فما وجد من خاطبه من القوم، فانصرف راجعاً إلى عسكره.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٣٧