ولما كان مقصود السورة على الإحسان الذي هو العبادة على المشاهدة، وكان ذلك منافياً لحال من يلتفت إلى الدنيا، عبر بقوله تعالى :﴿العاجلة﴾ أي فقط ﴿عجلنا﴾ أي بعظمتنا ﴿له فيها﴾ أي العاجلة ﴿ما نشاء﴾ مما يريده لا جميع ما يريده ؛ ثم أبدل من " له " قوله تعالى :﴿لمن نريد﴾ أي لا لكل من أراد ذلك، تنبيهاً على أن ذلك بقوتنا لا بقوة ذلك المريد ﴿ثم جعلنا﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿له﴾ أي لظاهره وباطنه ﴿جهنم﴾ أي الدركة النارية التي تلقى بالتجهم من كان يلقى الدنيا وأهلها بالتبسم ﴿يصلاها﴾ في الآخرة ﴿مذموماً﴾ أي مفعولاً به الذم، وهو ضد المدح ﴿مدحوراً*﴾ مدفوعاً مطروداً مبعداً، فينبغي لمريد الدنيا أن لا يزال على حذر لأنه لا ينفك من عذاب الآخرة، فإن لم يعط شيئاً من مناه - كما أشار إليه لأ ﴿لمن نريد﴾ اجتمع له العذابان كاملين : فقل الدنيا وعذاب الآخرة، وإن أعطى فهو لا يعطي كل ما يريد - بما أشار إليه " ما نشاء " - فيجتمع له عذاب مامنعه مها مع عذاب الآخرة.
ولما ذكر الجاهل ذكر العالم العامل فقال تعالى :﴿ومن أراد الآخرة﴾ أي مطلق إرادة - بما أشار إليه التجريد ﴿من كان﴾ ﴿وسعى﴾ أي وضم إلى نيته العمل بأن سعى ﴿لها سعيها﴾ أي الذي هو لها، وهو ما كانت جديرة به من العمل بما
٣٧١


الصفحة التالية
Icon