ولما كانت مدة لبثهم نكرة بما كان لأهل ذلك الزمان من الشرك، عبر بما يدل على النكرة فقال تعالى :﴿سنين﴾ : ولما كان ربما ظن أنه ذكر السنين للمبالغة لأجل بعد هذا النوم عن العادة، حقق الأمر بأن قال مبدلاً منها معرفاً لأن المراد بجمع القلة هنا لكثرة :﴿عدداً﴾ أي متكاثراً ؛ قال الزجاج كل شيء مما يعد إذا ذكر فيه العدد ووصف أريد كثرته لأنه إذا قل فهم مقدار عدده بدون التقدير فلم يحتج إلى أن يعد.
﴿ثم بعثناهم﴾ أي نبهناهم من ذلك النوم ﴿لنعلم﴾ علماً مشاهداً لغيرنا كما كنا نعلم غيباً ما جهله من يسأل فيقول :﴿أي الحزبين﴾ هم أو من عير عليهم من أهل إحصاءه لمدة لبثهم فإنهم هم أحصوا لبثهم فقالوا : لبثنا يوماً أو بعض يوم، ثم تبرؤوا من علم ذلك وردوه إلى عالمه وأهل البلد، أحصوا ذلك بضرب النقد الذي وجد معهم أو غير ذلك من القرائن التي دلتهم عليه، ولكنهم وإن صادق قولهم ما في نفس الأمر أو قريباً منه فعلى سبيل الظن والتقريب، لا القطع والتحديد، بقوله تعالى ﴿قل الله أعلم بما لبثوا﴾ [الكهف : ٢٦] فإذا علم الجهل كل من الحزبين بأمرهم أن الله هو المختص بعلم ذلك، علم أنه المحيط بصفات الكمال، وأنه لم ينخذ ولداً، ولا له شريك في الملك، وأنه أكبر من كل مايقع في الوهم.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٤٧
ولما كان الكلام على اختلاف وقع في مدتهم، وكان الخربان معاً هم ومن
٤٤٩