ولما كان هذا مشوقاً إلى رؤيتهم، وصل به ما يكف عنه بقوله تعالى :﴿لو اطلعت عليهم﴾ وهم على تلك الحال ﴿لوليت منهم فراراً﴾ أي حال وقوع بصرك عليهم ﴿ولملئت﴾ في أقل وقت بأيسر أمر ﴿منهم رعباً*﴾ لما ألبسهم الله من الهيبة، وجعل لهم من الجلالة، وتدبيراً منه لما أراد منهم ﴿وكذلك﴾ بما لنا من العظمة ﴿ليتساءلوا﴾ وأظهر بالافتعال إشارة إلى أنه في غاية الظهور.
ولما كان المراد تساؤلا عن إخبار لا تعدوهم قال تعالى :﴿بينهم﴾ أي عن أحوالهم في نومهم ويقظتهم فيزدادوا إيماناً، وثباتاً وإيقاناً، بما ينكشف لهم من الأمور العجيبة، والأحوال الغريبة فيعلم أنه لا علم لأحد غيرنا، ولا قدرة لأحد سوانا، وأن قدرتنا تامة، وعلمنا شامل، فليعلم ذلك من أنكر قدرتنا على البعث وسأل اليهود البعداء البغضاء عن نبيه الحبيب الذي أتاهم بالآيات، وأراهم البينات، فإن كانوا يستنحصون اليهود فليسألوهم عما قصصنا من هذه القصة، فإن اعترفوا به لزمهم جميعاً الإيمان والرجوع عن الغي والعدوان، وإن لم يؤمنوا علم قطعاً أنه لا يؤمن من أردنا هدايته بالآيات البينات كأهل الكهف وغيرهم، لا بإنزال الآيات المقترحات.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٥٣
ولما كان المقام مقتضياً لأن يقال : ما كان تساؤلهم ؟ أجيب بقوله تعالى :﴿قال قائل منهم﴾ مستفهماً من إخوانه :﴿كم لبثتم﴾ نائمين في هذا الكهف من ليلة أو يوم، وهذا يدل على أن هذا القائل استشعر طول لبثهم بما رأى من هيئتهم أو لغير ذلك من
٤٥٤


الصفحة التالية
Icon