ثم عطف على ما أفهمه الكلام وهو : فقل إذا نسيت : إني فاعل ذلك غداً إن شاء الله - ونحو ذلك من التعليق بالمشيئة المؤذن بأنه لا حول ولا قوة إلا بالله ولا مشيئة لأحد معه قوله :﴿وقل عسى أن يهدين ربي﴾ أي المحسن إليّ ﴿لأقرب﴾ أي الى أشد قرباً ﴿من هذا﴾ أي الذي عزمت على فعله ونسيت الاستثناء فيه فقضاه الله ولم يؤاخذني، أو فاتني أو تعسر عليّ لكوني لم أقرن العزم عليه بذكر الله ﴿رشداً*﴾ أي من جهة الرشد بأن يوفقني للاستثناء فيه عند العزم عليه مع كونه أجود أثراً وأجل عنصراً فأكون كل يوم في ترق بالأفعال الصالحة في معارج القدس، و" اقرب " أفعل تفضيل من قرب - بضم الراء - من الشيء، لازم، لا من المكسور الراء المتعدي نحو ﴿ولا تقربوا الزنى﴾ [الإسراء : ٣٢] ﴿ولا تقربوا مال اليتيم﴾ [الإسراء : ٣٤] الآية، والأقرب من رشد الاستدلال بقصة أهل الكهف التي الحديث عنها على صحة نبوة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ونحو ذلك الاستدلال على وحدانية الصانع وقدرته على البعث وغيره بالأمور الكلية أو الجزيئات القريبة المتكررة، ولا بهذا الأمر الجزئي النادر المتعب ونحو هذا من المعارف الإلهية.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٥٩
ولما فرغ من هذه التربية في أثناء القصة وختمها بالترجمة في الهداية للأرشد، وكان علم مدة لبثهم أدق وأخفى من علم عددهم، شرع في إكمالها مبيناً لهذا الأخفى، عاطفاً على قوله ﴿قالوا ربكم أعلم بما لبثتم﴾ [ الكهف : ١٩] أو على " فأووا إليه " الذي أرشد إلى تقديره قولهم :﴿فأووا إلى الكهف﴾ كما مضى، المختوم بنشر الرحمة وتهيئة
٤٦١