وأحل به من الشكر، فلييس ذلك من النهي في شيء لأنه لم يرد به الإ الآخرة.
٤٦٣
ولما بلغ في أمره صلى الله عليه وعلى آله وسلم بمجالسة المسلمين، نهاه عن الالتفات إلى الغافلين، وأكد الإعراض عن الناكبين فقال تعالى :﴿ولا تطع من أغفلنا﴾ بعظمتنا ﴿قبله﴾ أي جعلناه غافلاً، لأن الفعل فيه لنا لا له ﴿عن ذكرنا﴾ بتلك الزينة.
ولما كان التقدير : فغفل، لأن عظمتنا لا يغلبها شيء فلا يكون إلا ما نريد، عطف على فعل المطاوعة قوله تعالى :﴿واتبع هوه﴾ بالميل إلى ما استدرجناه به منها والأنفة من مجالسة أوليائنا الذين أكرمناهم بالحماية منها لأن ذكر الله مطلع الأنوار، فإذا أفلت الأنوار تراكمت الظلمة فجاء الهوى فأقبل على الخلق ﴿وكان أمره فرطاً*﴾ أي متجاوزاً للحد مسرفاً فيه متقدماً على الحق، فيكون الحق منبوذاً به وراء الظهر مفرطاً فيه بالتقصير فإن ربك سبحانه سينجي أتباعك على ضعفهم منهم كما أنجى أصحاب الكهف، ويزيدك بأن يعليهم عليهم ويدفع الجبابرة في أيديهم لأنهم مقبلون على الله معرضون عما سواه، وغيرهم مقبل على غيره معرض عنه.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٦١
ولما رغبه في أوليائه، وزهده في أعدائه، ترضية بقدره بعد أن قص الحق من قصة أهل الكهف للمتعنيتن، علمه ما يقول لهم على وجه يعمهم ويعم غيرهم ويعم القصة وغيرها فقال تعالى مهدداً ومتوعداً - كما نقل عن علي رضي الله عنه وكذا عن غيره :﴿وقل﴾ أي لهم ولغيرهم : هذا الذي جئتكم به من هذا الوحي العربي العري عن العوج، الظاهر الإعجاز، الباهر الحجج ﴿الحق﴾ كائناً ﴿من ربكم﴾ المحسن إلأيكم في أمر أهل الكهف وغيرهم من صبر نفسي مع المؤمنين، والإعراض عمن سواهم وغير ذلك، لا ما قلتموه في أمرهم، ويجوز أن يكون الحق مبتدأ ﴿فمن شاء﴾ أي منكم ومن غيركم ﴿فليؤمن﴾ بهذا الذي قصصناه فيهم وفي غيرهم، فهو مقبول مرغوب فيه وإن
٤٦٤


الصفحة التالية
Icon