ولما كانت النبوة لا يستضلع بأمرها ويقوى على حملها إلا عند استحكام العقل ببلوغ الأشد، وكان التطويق على أمرها قبل ذلك من العظمة بمكان، دل عليه النون في قوله :﴿وءاتيناه﴾ بما لنا من العظمة ﴿الحكم﴾ أي البنوة والفهم للتوراة ﴿صبياً *﴾ لغلبة الروح عليه، وهذه الخارقة لم تقتض الحكمة أن تكون لنبينا ﷺ لأن قومه لا عهد لهم بالنبوة، فكانوا إذا كذبوا لا يكون لهم من أنفسهم ما يلزمهم من التناقض، فعُوّض أعظم من ذلك بغرائز الصدق التي أوجبت له تسميته بالأمين ليكونوا بذلك مكذبين لأنفسهم في تكذيبهم له.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٥١٩
وبمزيد إبقاء معجزته القرآنيه بعده تدعو الناس إلى دينه دعاء لا مرد له ﴿و﴾ آتيناه ﴿حناناً﴾ أي رحمة وهيبة ووقاراً ورقة قلب ورزقاً وبركة ﴿من لدنا﴾ من
٥٢٤


الصفحة التالية
Icon