وفي تفسير البغوي أيضاً عن كعب وغيره أن إدريس عليه السلام مشى ذات يوم في حاجة فأصابه وهج الشمس فقال : يا رب! فكيف بمن يحملها ؟ اللهم! خفف عنه من ثقلها، فخفف عنه فسأل ربه عن السبب فأخبره فسأل أن يكون بينهما خلة، فأتاه فسأله إدريس عليه السلام أن يسأل ملك الموت أن يؤخر أجله، فقال : لا يوخر الله نفساً إذا جاء أجلها، وأنا مكمله، فرفع إدريس عليه السلام فوضعه عند مطلع الشمس، ثم أتى ملك الموت وكلمه فقال : ليس ذلك إليّن ولكن إن أحببت أعلمته أجله فيتقدم في نفسه، قال : نعم! فنظر في ديوانه فقال : إنك كلمتني في إنسان ما أراه يموت أبداً، قال : وكيف ذلك ؟ قال : لا أجده يموت إلا عند مطلع الشمس، قال : فإني أتيتك وتركته هناك، قال : انطلق فلا أراك تجده إلا وقد مات، فوالله ما بقي من أجل إدريس - عليه السلام - شيء، فرجع الملك فوجده ميتاً.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٥٤١
ومن جيد المناسبات أن إسماعيل وإدرس عليهما الصلاة والسلام اشتركا في البيان بالعلم واللسان، فإسماعيل عليه السلام أول من أجاد البيان باللسان، وإدريس عليه السلام أول من أعرب الخطاب بالكتاب، فقد روى الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال :"أول من فتق لسانه بهذه العربية إسماعيل عليه السلام ".
ولأ حمد عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال :"أول من خط بالقلم إدريس عليه السلام ".
ولما انقضى كشف هذه الأخبار، العلية المقدار، الجليلة الأسرار، شرع سبحانه ينسب أهلها بأشرف نسبهم، ويذكر أمتن سببهم هزاً لمن وافقهم في النسب إلى الموافقة في السبب فقال :﴿أولئك﴾ أي العالو الرتب، الشرفاء النسب ﴿الذين أنعم الله﴾ بما له من صفات الكمال التي بها أقام آدم عليه السلام وهمم في ظهره، مع طبعه عليه من الأمور المتضادة حتى نجاه من مكر إبليس، ونجى بها نوحاً عليه السلام وهم في صلبه
٥٤٣