للمقصود بالذات، وهو الراحة الدائمة بالوراثة لدار الخلد على وجه الإقامة المستمرة، وصفة الملك الذي لا كدر فيه بوجه وال تخلف عن مراد، أتبعه ما بعده إشارة إلى ما تنال به التقوى، وهو الوقوف مع الأمر مراقبة للأمر على ﴿وبالحق أنزلناه﴾ [الإسراء : ١٠٥] لأنه لما كان العلم واقعاً بأن جميع سورة الكهف شارحة لمسألتين من مسائل قريش، وبعض سورة سبحان شارح للثالثة، ولطول الفصل صدرت قصة ذي القرنين بقوله ﴿ويسألونك﴾ إعلاماً بعطفها على مسألة الروح المصدرة بمثل ذلك، وجاءت سورة مريم كاشفة - تبكيتاً لأهل الكتاب الكاتمين للحق - عن أغرب من تلك القصص زأقدم زماناً وأعظم شأناً من أخبار الأنبياء المذكورين ومن أسرع التبديل بعدهم بإضاعة الصلاة واتباع الشهوات، فثبت بذلك أن هذا كله مرتب لإجابة سؤالهم وأنه كلام الله قطعاً، إذ لو كان من عند النبي ﷺ ما وعدهم الإجابة في الغد إلا وهو قادر عليها، لما هو معلوم قطعاً من رزانة عقله، وغزارة فطنته، ومتانة رأيه، ولو قدر على ذلك ما تركهم يتكلمون في عرضه بما الموت أسهل منه، لما علم منه من الشهامة والأنفة والبعد عما يقارب الشين، وبان بذلك أن الله سبحانه وعز شأنه ما أجمل أمر الروح ولا أخر الإجابة خمس عشرة ليلة أو أقل أو أكثر من عجز ولا جهل، وثبت بذلك كله وبما بين من صنعه لأهل الكهف ولذي القرنين وفي ولادة عيسى وإسحاق عليهم الصلاة والسلام تمام قدرته المستلزم لكمال علمه، وكان الإخبار عن ذلك مطابقاً للواقع الذي ثبت بعضه بالنقل الصحيح وبعضه بأدلة العقل القاطعة، ثبت مضمون قوله تعالى ﴿وبالحق أنزلناه وبالحق نزل﴾ وأن هذا الكتاب قيم لا عوج فيه، فعطف عليه الجواب عن قول النبي ﷺ لجبرئيل عليه الصلاة والسلام "لقد أبطات عليّ يا جبرئيل حتى سؤت ظناً" ونحوه مما ذكر في أسباب النزول، فقال على لسان جبرئيل عليه الصلاة والسلام :﴿وما نتنزل﴾ أي أنا ولا أحد من الملائكة