ن بذلك وبما ذكر في هاتين السورتين مما سألوا عنه ومن غيره شمولُ علمه وتمام قدرته لاسيما في إيجاد البشر تارة من الترابن وتارة من ذكر وأنثى في حكم العدم، وتارة من أنثى بلا ذكرن وثبت ذلك كله، فانكشفت الشبه، وتضاءلت موجبات المراء، وانقمعت مخيلات الفتن، عجب منها في إنكارهم البعث وهم يشاهدون ما ذكر من قدرته وعلمه، عاطفاً على التعجب في قولهم ﴿وقالوا ءاذا كنا﴾ تعجيباً أشد من ذلك فقال :﴿ويقول﴾ بلفظ المضارع المؤذن بالتجدد بعد هذا البيان المقتضي حتماً لاعتقاده البعث فضلاً عن إنكار مرة من المرات، ليخبر عنها بصيغة الماضي، فكيف بالمداومة على ذلك المشار إليها بصيغة المضارع ؛ وعبر بالمفرد وإن كان للجنس لأن الإنكار على الواحد يستلزم الإنكار على المتعدد فقال :﴿الإنسان﴾ أي الذي خلقناه ولم يك شيئاً، مع ما فضلناه به من العقلن ونصبا له من الدلائلن فشغله الإنس بنفسه عن التأمل في كمال ربه منكراً مستبعداً :﴿ءذا ما مت﴾ ثم دل على شدة استبعاده لذلك بقوله مخلصاً للاستقبال :﴿لسوف أخرج﴾ أي يخرجني مخرج ﴿حياً *﴾ أي بعد طول الرقاد، وتفتت الأجزاء والمواد، وجاء بهذه التأكيدات لأن ما بعد الموت وقت كون الحياة منكرة على زعمه، والعامل في ﴿إذا﴾ فعل من معنى ﴿أخرج﴾ لا هو، لمنع لام الابتداء لعمله فيما قبله ؛ ثم قابل إنكاره الباطل بإنكار هو الحق فقال عطفاً على يقول أو على ما تقديره : ألا يذكر ما لنا من تمام القدرة بخلق ما
٥٥٠