ولما كان هذا جديراً بالقبول لقيام الأدلة على كمال قدرة قائله، وتنزهه عن إخلاف القول، لبراءته من صفات النقص، قال معجباً من منكره عاطفاً على قوله ﴿ويقول الإنسان﴾ :﴿وإذا تتلى عليهم﴾ أي الناس، من أيّ تال كان ﴿ءاياتنا﴾ حال كونها ﴿بينات﴾ لا مرية فيها، بأن تكون محكمات، أو متشابهات قد تبعها البيان بالمحكمات، أو ببيان النبي ﷺ فهي حال مؤكدة أو كاشفة ﴿قال الذين كفروا﴾ بآيات ربهم البينة، جهلاً منهم ونظراً إلى ظاهر الحياة الدنيا الذي هو مبلغهم من العلم ﴿للذين ءامنوا﴾ أي لأجلهم أو مواجهة لهم، إعراضاً عن الاستدلال بالآيات، ووجوه دلالتها البينات، بالإقبال على هذه الشبهة الواهية - وهي المفاخرة بالمكاثرة في الدنيا - من قولهم :﴿أي الفريقين﴾ نحن - بما لنا من الاتساع، أم أنتم - بما لكم من خشونة العيش ورثاثة الحال ﴿خير مقاماً﴾ أي موضع قيام أو إقامة - على قراءة ابن كثير بضم الميم والجماعة بفتحها :﴿وأحسن ندياً *﴾ مجمعاً ومتحدثاً باعتبار ما في كل من الرجال، وما لهم من الزي والأموال، ويجعلون ذلك الامتحان بالإلغام والإحسان دليلاً على رضى الرحمن، مع التكذيب والكفران، ويغفلون عن أن في ذلك - مع التكذيب بالبعث - تكذيباً مما يشاهدونه منا من القدرة على العذاب بإحلال النقم، وسلب النعم، ولو شئنا لأهلكناهم وسلبنا جميع ما يفتخرون به ﴿وكم أهلكنا﴾ بما لنا من العظمة.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٥٥٢


الصفحة التالية
Icon