ولما أخبر تعالى بالبعث، وذكر أن هذا الكافر يأتيه على صفة الذل، أتبعه حال المشركين مه معبوداتهم، فقال معجباً منهم عاطفاً على قوله ويقول الإنسان :﴿واتخذوا﴾ أي الكفار، وجمع لأن نفي العز عن الواحد قد لا يقتضي نفيه عما زاد ﴿من دون الله﴾ وقد تبين لهم أنه الملك الأعلى الذي لا كفوء له ﴿ءالهة ليكونوا لهم﴾ أي الكافرين ﴿عزاً *﴾ لينقذوهم من العذاب.
ولما بين أنه لا يعزه مال ولا ولد، وكان نفع الأوثان دون ذلك بلا شك، نفاه بقوله :﴿كلاًّ﴾ بأداة الردع، لأن ذلك طلب للعز من معدن الذل من العبيد الذين من اعتز لهم ذلن فإنهم مجبولون على الحاجة، ومن طلب العز للدنيا طلبه من العبيد لا محالةن فاضطر قطعاً - لبنائهم على النقص - إلى ترك الحق واتباع الباطل، فكانت عاقبة أمره الذل وإن طال المدى، فإن الله تعالى ربما أمهل المخذول إلى أن ينتهي في خذلانه إلى أن يستحق لباس الذل ؛ ثم بين سبحانه ذلك بما يكون منهم يوم البعث فقال :﴿سيكفرون﴾ أي الآلهة بوعد لا خلف فيه وإن طال الزمان ﴿بعبادتهم﴾ أي المشركين، فيقولون لهم ﴿ما كنتم إياناً تعبدون﴾ [يونس : ٢٨] ﴿إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا﴾ [البقرة : ١١٦] ﴿ويكونون عليهم﴾ أي الكفار ؛ ووحد إشارة إلى اتفاق الكلمة بحيث إنهم لفرط تضامنهم كشيء واحد فقال :﴿ضداً *﴾ أي أعداء فيكسبونهم الذل، وكذا يفعل الكفار مع شركائهم ويقولون ﴿والله ربنا ما كنا مشركين﴾ فيقع بينهم العداوة كما قال تعالى ﴿ثم يوم القيامة يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضكم بعضاً﴾ [ العنكبوت : ٢٥].
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٥٥٤
ولما كان من المستبعد عندهم جواز رجوعهم عنهم فضلاً عن كفرهم بهم، دل
٥٥٦


الصفحة التالية
Icon