ولما بين لهم سبحانه من حقارة شركائهم ما كان حقهم به أن يرجعوا، فلم يفعلوان اتبعه ما اصابهم به على ما كان في اسلافهم عقوبة لهم على قبيح ما ارتكبوا، استعطافاً للتوبة فقال :﴿ظهر الفساد﴾ أي النقص في جميع ما ينفع الخلق ﴿في البر﴾ بالقحط والخوف ونحوهما ﴿والبحر﴾ بالغرق وقلة الفوائد من الصيد ونحوه من كل ما كان يحصل منه قبل.
وقال البغوي : البر البوادي والمفاوز، والبحر المدائن والقرى التي على المياه الجارية، قال عكرمة : العرب تسمي المصر بحراً.
ثم بين سببه بقوله :﴿بما﴾ ولما أغنى السياق بدلالته على السيئات عن الافتعال قال :﴿كشبت﴾ أي عملت من الشر عملاً هو من شدة تراميهم إليه وإن كان على أدنى الوجوه بما أشار إليه تجريد الفعل كأنه مسكوب من علو، ومن شدة إتقان شره كأنه مسبوك.
ولما كان أكثر الأفعال باليد، أسند إليها ما يراد به الجملة مصرحاً بعموم كل ما له أهلية التحرك فقال :﴿أيدي الناس﴾ أى عقوبة لهم على فعلهم.
ولما ذكر علته البدائية، ثنى بالجزائية فقال :﴿لنذيقهم﴾ أى بما لنا من العظمة في رواية قنبل عن ابن كثير بالنون لإظهار العظمة في الإذاقة للبعض والعفو عن البعض، وقراءة الباقين بالتحتانية على سنن الجالة الماضي ؛ وأشار إلى كرمه سبحانه بقوله :﴿بعض الذي عملوا﴾ أي وباله وحره
٦٣١