لكم بكل ما فيه نفعكم من المطر والروح وبرد الأكباد ولذة العيش.
ولما كان التقدير : ليهلك بها من يشاء من عباده، أو ليدفع عنكم ما يحصل بفقدها من نقمته من الحر، وما يتبعه من انتشار المفسدات، واضمحلال المصلحات،
٦٣٥
وطواه لأن السياق لذكر النعم، عطف عليه قوله مثبتاً اللام إيضاحاً للمعطوف عليه :﴿وليذيقكم﴾ وأشار إلى عظمة نعمة بالتبعيض في قوله :﴿من رحمته﴾ أي نعمه من المياه العذبة والأشجار الرطبة، وصحة الأبدان، وخصب الزمان، وما يتبع ذلك من أمور لا يحصيها إلا خالقها، ولا يتصورها حق تصورها إلا من فقد الرياح، من وجود الروح وزكاء الأرض وإزالة العفونة من الهواء والإعانة على تذرية الحبوب وغير ذلك، وأشار إلى عظمة هذه النعمة وإلى أنها صارت لكثرة الإلف مغفولاً عنها بإعادة اللام فقال :﴿ولتجري الفلك﴾ أي السفن في جميع البحار وما جرى مجراها عند هبوبها.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٦٣٤
ولما أسند الجري إلى الفلك نزعه منها بقوله :﴿بأمره﴾ أى بما يلائم من الرياح اللينة، وإذا أراد أعصفها فأغرقت، أو جعلها متعاكسة فحيرت ورددت، حتى يحتال الملاحون بكل حيلة على إيقاف السفن لئلا تتلف.
ولما كان كل من مجرد السير في البحر والتوصل به من بلد إلى بلد نعمة في نفسه، عطف على ﴿لتجري﴾ قوله، منبهاً بإعادة اللام إيضاحاً للمعطوف عليه على تعظيم النعمة :﴿ولتبتغوا﴾ أي تطلبوا طلباً ماضياً بذلك السير، وعظم ما عنده بالتبعيض في قوله :﴿من فضله﴾ مما يسخر لكم من الريح بالسفر للمتجر من بلد إلى بلد والجهاد وغيره ﴿ولعلكم﴾ أي ولتكونوا إذا فعل بكم ذلك على رجاء منأنكم ﴿تشكرون*﴾ ما أفاض عليكم سبحانه مننعمه، ودفع عنكم من نقمه.