ولما بين أولاً أن الآيات تمون سبباً للهلاك، فلا فائدة في الإجابة إلى ما اقترحوه منها بعد بطلان ما قدحوا به في القرآن، بيّن ثانياً بطلان ما قدحوا به في الرسول بكونه بشراً، بأن الرسل الذين كانوا من قبله كانوا بإقرارهم من جنسه، فما لهم أن
٦٨
ينكروا رسالته هو مثلهم، بل عليهم أن يعترفوا له عندما أظهر من المعجز كما اعترفوا لأولئك، كل ذلك فطماً عن أنن يتمنى أحد إجابتهم إلى الأييد بملك ظاهر، فقال عاطفاً على ما " آمنت " :﴿وما أرسلنا﴾.
ولما كان السياق لإنكار أن يكون النبي بشراً، وكان الدهر كله ما خلا قط جزء منه من رسالة، إما برسول قائم، وإما بتناقل أخباره، كان تعميم الزمان أنسب فقال من غير حرف جر :﴿قبلك﴾ أي في دجميع الأزمان الذي تقدم زمانك في جميع طوائف البشر ﴿إلا رجلاً نوحي إليهم﴾ بالملائكة سراً من غير أن يطلع على ذلك الملك غيرهم كما اقتضته العظمة من التخصيص والاختيار والإسرار عن الأغيار، وذلك من نعم الله على خلقه، لأن جعل الرسل من البشر أمكن للتلقي منهم والأخذ عنهم.
ولما لم يكن لهم طريق في علم هذا إن يقبلوا خبره عن القرآن إلا سؤال من كانوا يفوعون إليهم من أهل الكتاب ليشايعوهم على ما هم عليه من الشك والارتياب، قال :﴿فاسألوا أهل الذكر﴾ ثم نبه على أنهم غير محتاجين فيه إلى السؤال بما كان قد بلغهم على الآجال من أحوال موسى وعيسى وإبراهيم وإساعيل وغيرهم عليهم الصلاة والسلام بقوله، معبراً بأداة الشكك محركاً لهم إلى المعالي :﴿إن كنتم﴾ أي بجبلاتكم ﴿لا تعلمون*﴾ أي لا أهلية لك في انتقاص علم، بل كنتم أهل تقليد محض وتبع صرف.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٦٧
ولما بين أنه على سنة من مضى من الرسل في كونه رجلاً، بين أنه على سنتهم فب جميع الأوصاف التي حكم بها على البشر من العيش والموت فقال :﴿{وما جعلناهم﴾} أي الرسل الذين اخترنا بعثهم إلى الناس ليأمروهم بأومرنا.


الصفحة التالية
Icon