به، لأن من شأن من كان في الضياء أن لا يضع شيئاً إلا في موضعه ﴿وذكراً﴾ أي وعظاً وشرفاً.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٨٦
ولما كان من لا ينتفع بالشيء لا يكون له منه شيء، قال :﴿للمتقين*﴾ أي الذين صار هذا الوصف لهم شعاراً حاملاً لهم على التذكير لما يدعو إليه الكتاب من التوحيد الذي هو أصل المراقبة ؛ ثم بين التقوى بوصفهم بقوله :﴿الذين يخشون﴾ أي يخافون خوفاً عظيماً ﴿ربهم﴾ أي المحسن إليهم بعد الإيجاد بالتربية وأنواع الإحسان ﴿بالغيب﴾ أي في أن يكشف لهم الحجاب ﴿وهم من الساعة﴾ التي نضع فيها الموازين وقد أعرض عنها الجاهلون مع كونها أعظم حامل على كل خير، مبعد من كل ضير ﴿مشفقون*﴾ أنهم لقيامها متحققون، وبنصب الموازين فيها عالمون.
ولما ذكر فرقان موسى عليه السلام، وكان العرب يشاهدون إظهار اليهود للتمسك به والمقاتلة على ذلك والاغتباط، حثهم على كتابهم الذي هو أشرف منه فقال :﴿وهذا﴾ فأشار إليه بأداة القرب إيماء إلى سهولة تناوله عليهم ﴿ذكر﴾ أي عظيم، ودلهم على أنه أثبت الكتب وأكثرها فوائد بقوله :﴿مبارك﴾ ودلهم على زيادة عظمته بما له من قرب الفهم والإعجاز وغيره بقوله :﴿أنزلناه﴾ ثم أنكر عليهم رد وبخهم في سياق دال على أنهم أقل الكتاب من أن يجترءوا على ذلك، منبه على أنهم أولى بالمجاهدة في هذا الكتاب برد ما أنزل من أهل الكتاب في كتابهم فقال :﴿أفأنتم له﴾ أي لتكونوا دون أهل الكتاب برد ما أنزل لتشريفكم عليهم وعلى غيرهم مع أنكم لا تنكرون كتابهم ﴿منكرون*﴾ أى أنه لو أنكره غيركم لكان ينبغي لكم مناصبته، فكيف يكون الإنكار منكم ؟
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٨٦


الصفحة التالية
Icon