ولما كان هذا وما تقدمه أموراً غريبة، أشار إلى القدرة على أمثالها من جميع الممكنات، وأن ما فعله من إكرام أنبيائه عام لأتباعهم بقوله :﴿وكذلك﴾ أي ومثل ذلك الإنجاء العظيم الشأن والتنجية ﴿ننجي﴾ أى بمثل ذلك العظمة ﴿المؤمنين*﴾ إنجاء عظيماً وننجيهم تنجية عظيمة، ذكر التنجية أولاً يدل على مثلها ثانياً، وذكر الإنجاء ثانياً يدل على مثله أولاً وسر ذلك الإشارة إلى شدة العناية بالمؤمنين لأنهم ليس لهم كصبر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام - بما أشار إليه بحديث "أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل " " يبتلى المرء على قدر دينه" فيسلهم سبحانه من البلاء كما تسل الشعرة من العجين، فيكون ذلك مع السرعة في لطافة وهناء - بما أشارت إليه قراءة ابن عامر وأبي بكر عن عاصم رضي الله عنه بتشديد الجيم لإدغام النون الثانية فيه، أو يمون المعنى أن من دعا منهم بهذا الدعاء أسرع نجاته، فإن المؤمن متى حصلت له هفوة راجع ربه فنادى معترفاً بذنبه هذا النداء، ولاسيما إن مسه بسوط الأدب، فبادر إليه الهرب.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٠١
١٠٦
ولما كان حاصل أمر يونس عليه السلام أنه خرج من بطن لم يعهد الخروج من مثله، عطف عليهه قصة زكريا عليه السلام في هبته له ولداً من بطن لم يعهد الحمل من مثله في العقم واليأس ناظراً إلى أبيه إبراهيم عليه السلام أول من ذكر تصريفه في أحاد العناصر فيما اتفق له من مثل ذلك في ابنه غسحاق عليه السلام تكريراً لإعلام القيامة وتقريراً للقدرة التامة فقال :﴿وزكريا﴾ أي اذكره ﴿إذ نادى ربه﴾ نداء الحبيب القريب فقال :﴿رب﴾ بإسقاط أداة البعد ﴿لا تذرني فرداً﴾ أي من غير ولد يرث ما آتيتني من الحكمة.


الصفحة التالية
Icon