ولما بين قصمين المصارحين بالكفر الكثيف والأكثف صريحاً.
وأفهم المؤمن المخلص، عطف على ذلك المذبذب فقال :﴿ومن الناس﴾ ولذلك عبر بالناس الذي مدلولة الاضطراب والتردد دون أن يضمر ﴿من يعبد الله﴾ أي يعمل على سبيل الاستمرار
١٣٦
والتجدد بما أمر به الإله الأعظم من طاعته ﴿على حرف﴾ فهو مزلزل كزلزلة من يكون على حرف شفير أو جبل أو غيره، لا استقرار له، وكالذي على طرف من العسكر، فإن رأى غنيمة قر، وإن توهم خوفاً طار وفر، وذلك معنى قوله :﴿فإن أصابته فتنة﴾ أى مصبية ولو قلت - بما يشير إليه التأنيث - في جسده أو معيشته يختبر بها ويظهر خبأة للناس ﴿انقلب على وجهه﴾ لتهيئة للانقلاب بكونه على شفا جرف فسقط عن ذلك الطرف من الدين سقوطاً لا رجوع له بعد إليه وجوع له بعده إليه ولا حركة له معه، فإن الإنسان مطبوع على المدافعة بكل عضو من أعضائه عن وجهه فلا يمكن منه إلا بعد نهاية العجز، والمعنى أنه رجع إلى الوجه الذي كان عليه من الكفر أو الشك رجوعاً متمكناً، وهذا بخلاف الراسخ في إيمانه، فإنه إن أصابته سراء شكر، وإن أصابته ضراء حمد وصبر، فكل قضاء الله له خير.