ولما كان الساقط من هذا العلو متقطعاً لا محالة إما بسباع الطير أو بالوقوع على جلد، عبر عن ذلك بقوله :﴿فتخطفه الطير﴾ أي قطعاً بينها، وهو نازل في الهواء قبل أن يصل إلى الأرض ﴿أو تهوي به الريح﴾ أي حيث لم يجد في الهواء ما يهلكه ﴿في مكان﴾ من الأرض ﴿سحيق*﴾ أي بعيد في السفول، فيتقطع حال وصوله إلى الأرض بقوة السقطة وشدة الضغطة لبعد المحل الذي خر منه وزل عنه، فالآية من الاحتباك : خطف الطير الملزوم للتقطع أولاً دال على حذف التقطع ثانياً، والمكان السحيق الملزوم لبلوغ الأرض ثانياً دليل على حذف ضده أولاً ؛ ثم عظم ما تقدم من التوحيد وما هو مسبب عنه بالإشارة بأداة البعد فقال :
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٤٦
١٥٠
﴿ذلك﴾ أي الأمر العظيم الكبير ذلك، فمن راعاه فاز، ومن حاد عنه خاب ؛ ثم عطف عليه ما هو أعم من هذا المقدر فقال :﴿ومن﴾ ويجوز أن يكون حالاً، أي أشير إلى الأمر العظيم والحال أنه من ﴿يعظم شعائر الله﴾ أي معالم دين الملك الأعظم التي ندب إليها وأمر بالقيام بها في الحج، جمع سعيرة وهي المنسك والعلامة في الحج، والشعيرة أيضاً : البدنة المهداة إلى البيت الحرام، قال البغوي : وأصلها من الإشعار وهو إعلامها ليعرف أنها هدي - انتهى.