﴿منسكاً﴾ أي عبادة أو موضع عبادة أو قرباناً، فإنه يكون مصدر نسك - كنصر وكرم - نسكاً ومنسكاً، ويكون بمعنى الموضع الذي يعبد فيه، والذي يذبح فيه النسك وهو الهدي، وقال ابن كثير : ولم يزل ذبح المناسك وإراقة الدماء على اسم الله مشروعاً في جميع الملل.
ثم أتبع هذا الجعل عتله بياناً لأنه ليس مقصوداً في نفسه فقال :﴿ليذكروا﴾ ولما كان الدين سهلاً سمحاً ذا يسر، رضي بالدخول فيه بالظاهر فقال :﴿اسم الله﴾ أي الملك الأعلى وحده، على ذبائحهم وقرابينهم وعبادتهم كلها، لأنه الرزاق لهم وحده ؛ ثم علل الذكر بالنعمة تنبيهاً على التفكر فيها فقال :﴿على ما رزقهم﴾ فوجب شكره به عليهم ﴿من بهيمة الأنعام﴾.
ولما علم أن الشارع لجميع الشرائع الحقة واحد، وأن علة نصبه لها ذكره وحده، تسبب عنه قوله :﴿فإلهكم﴾ أي الذي شرع هذه المناسك كلها.
ولما كان الإله ما يحق له الإلهية بما تقرر من أوصافه، لا ما سمي إلهاً، قال :﴿إله﴾ ووصفه بقوله :﴿واحد﴾ أي وإن اختلفت فروع شرائعه ونسخ بعضها بعضاً، ولو اقتصر على " واحد " لربما قال متعنتهم : إن ا لمراد اقتصارنا على واحد مما نعبده.
والتفت إلى الخطاب لأنه أصرح وأجدر بالقبول.
ولما ثبت كونه واحداً، وجب اختصاصه بالعبادة، فلذا قال :﴿فله﴾ أي وحده ﴿أسلموا﴾ أي انقادوا بجميع ظواهركم وبواطنكم في كل ما أمر به أو نهى عنه ناسخاً وأجدر بالقبول.
كان أو لا وإن لم تفهموا معناه كغالب مناسك الحج.