فإذا نالته سبحانه النية قبلب العمل فتلقى اللقمة " فرباها كما يربي أحدكم فله حتى تكون مثل جبل " " ووقع الدم منه بمكان " فالنفي لصورة لا روح لها والإثبات لذات الروح، فقد تفيد النية من غير عمل كما قال ﷺ في غزوة تبوك ما معناه "إن بالمدينة رجالاً ما نزلنا منزلاً ولا قطعنا وادياً غلا كانوا فيه حسبهم العذر" ولا يفيد العمل بغير نية، والنية هي التي تفيد الجزاء سرمداً والله الموفق ؛ ثم كرر التنبيه على عظيم تسخيرها منبهاً على ما أوجب عليهم به فقال :﴿كذلك﴾ أي التسخير العظيم ﴿سخرها﴾ أي الله الجامع لصفات الكمال ﴿لكم﴾ بعظمتته وغناه عنكم ﴿لتكبروا﴾.
ولما ذكر التكبير، صورة بالاسم الأعظم فقال :﴿الله﴾ وضمن التكبير فعل الشكر، فكان التقدير : شاكرين له ﴿على ما هداكم﴾ أي على هدايتكم له والأمور العظيمة التي هداكم إليها.
ولما كان الدين لا يقوم إلا بالنذارة والبشارة، وكان السياق لأجل ما تقدم من
١٥٥
شعائر الحج، ومعالم العج والثج - بالبشارة أليق، ذكرها مشيراً إلى النذارة بواو العطف ليؤذن أن التقدير : فأنذر ايها الداعي المسيئينك ﴿وبشر المحسنين*﴾ أي الذين أوجدوا الإحسان لأفعالهم صورة ومعنى.


الصفحة التالية
Icon