ولكا كان كأنه قد قيل : كيف تكون المدافعة وبمن ؟ فقيل : بعباده المؤمنين، عبر عن ذلك بقوله :﴿أذن﴾ وأشار بقراءة من بنها للمجهول إلى سهولة ذلك عليه سبخانه ﴿للذين يقاتلون﴾ أي للذين فيهم قوة المدافعة، في المدافعة بالقتلا بعد أن كانوا يمنعون منه بمكة ويؤمرون بالصفح ؛ ثم ذكر سبب الإذن فقال ﴿بأنهم ظلموا﴾ أي وقع ظلم الظالمين لهم بالإخراج من الديار، والأذى بغير حق.
ولما كان التقدير : فأن الله أراد إظهار دينه بهم، عطف عليه قوله :﴿وإن الله﴾ أي الذي هو الملك الأعلى، وكل شيء في قبضته، ويجوز عطفه على قوله ﴿إن الله يدفع﴾ أي بإذنه لهم في القتال وأنه ﴿على نصرهم﴾ وأبلغ في التأكيد لا ستبعاد النصرة إذ ذاك بالكفار من الكثرة والقوة، وللمؤمنين من الضعف والقلة، فقال :﴿لقدير*﴾ ثم وصفهم بما يبين مظلوميتهم على وجه يجمعهم ويوثقهم بالله فقال :﴿الذين أخرجوا من ديارهم﴾ إلى الشعب والحبشة والمدينة ﴿بغير حق﴾ أوجب ذلك ﴿إلا أن يقولوا﴾ أي غير قولهم، أو ألا قولهمك ﴿ربنا الله﴾ المحيط بصفات الكمال، الموجب لإقرارهم في ديارهم، وحبهم ومدحهم واقتفاء آثارهم، فهو من باب :
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب
وفي سوق ذلك المساق الاستثناء عند من يجعله منقطعاً إشارة إلى أن من أخلص لله، صوب الناس إليه سهام مكرهم، ولم يدعوا في أذاه شيئاً من جهدهم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٥٦