أو المعنى : خالية، قد ذهبت أرواحها بذهاب سكانها على البقاء سقوفها، ليست محتاجة إلىغير السكان ﴿و﴾ كم من ﴿يئر معطلة﴾ من أهلها مع بقاء بنائها، وفوران مائها ﴿وقصر مشيد*﴾ أي عال متقن مجصص لأنه لا يشيد - أي يجصص - إلا الذي يقصد رفعه، فحلت القصور من أربابها، وأقفرت موحشة من جميع أصاحبها، بعد كثرة التضام في نواديها، وعطلت الآبار من ورّادها بعد الازدحام بين رائحتها وغاديها، دانية ونائية، حاضرة وبادية ؛ ولما كان خراب المشيد يوهى من أركانه، ويخلق من جدارنه، لم يحس التشديد في وصف القصر، كما أحسن في وصف البئر.
ولما كان هذا واعظاً لمن له استبصار، وعاطفاً له إلى العزيز الغفار، تسبب عنه النفي، وقد دخلت على النفي السير فنفته، فأثبتت السير عرياً عما أفاده الجواب، وهو قوله ﴿فتكون﴾ أي فيتسبب عن سيرهم أن تكون ﴿لهم قلوب﴾ واعية ﴿يعقلون بها﴾ ما رأوه بأبصارهم في الآيات المرئيات من الدلالة على وحدانية الله تعالى وقدرته على الإحياء والإماتة متىى أراد فيعتبروا به، فانتفاء القلوب الموصوفة متوقف على نفي السير الذي هو إثبات السير، وكذا الكلام في الآذان من قوله ﴿أو﴾ أي أو تكون لهم إن كانوا عمي الأبصار كما دل عليه جعل هذا قسيماً ﴿آذان يسمعون بها﴾ الآيات ا لمسموعة المترجمة عن تلك القرى وغيرها سواء ساروا أو لم يسيروا، إن كانت بصائرهم غير نافذة الفهم بمجرد الرؤية فيتدبروها بقلوبهم، فإنه لا يضرهم فقد الأبصار عند وجود البصائر.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٥٩
ولما كان الضار للإنسام إنما هو عمى البصائر دون ابصار، نفى العمى أصلاً عن الأبصار لعدم ضرورة مع إنارة البصائر، وخصه بالبصئر لوجود الضرر به ولو وجدت البصار، مسبباً عما مضى مع ما أرشد إليه من التقدير، فقال :﴿فإنها لا تعمى الأبصار﴾
١٦٠