وإنهم هكذا الأصل، ولكنه أظهر تنبيهاً على وصفهم فقال :﴿وإن الظالمين﴾ أي الواضعين لأقوالهم وأفعالهم في غير مواضعها كفعل من هو في الظلام ﴿لفي شقاق﴾ أي خلاف بكونهم في شق غير شق حزب الله بمعاجزتهم في الآيات بتلك السبه التي تلقوها من الشيطان، وجادلوا بها أولياء الرحمن ﴿بعيد*﴾ عن الصواب ﴿ولتصغي إليه أفئدة الذين لا يؤمنوا بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون﴾ [الأنعام : ١١٣] ﴿وليعلم الذين أتوا العلم﴾ بإتقان حججه، وإحكام براهينه، وضعف شبه التي المعاجزين، وبني فعله للمجهول نعظيماً لثمرته في حد ذاته لا بالنسبة إلى معط معين ﴿أنه﴾ أي الشيء الذي تلوته أو حدثت به ﴿الحق﴾ أى الثابت الذي لا يمكن زواله ﴿من ربك﴾ أى المحسن إليك بتعليمك إياه، فإن الحق كلما جودل أهله ظهرت حججه، وأسفرت وجوهه، ووضحت براهينه، وغمرت لججه، كما قال تعالى ﴿يضل به كثيراً ويهدي به كثيراً﴾ [البقرة : ٢٦] ﴿فيؤمنوا به﴾ لما ظهر لهم من صحته بما ظهر من ضعف تلك الشبه ﴿فتخبت﴾ أي تطمئن وتخضع ﴿له قلوبهم﴾ وتسكن به قلوبهم، فإن الله جعل فيها السكينة فجعلها زجاجية صلبة صافية رقيقة بين المائية والحجرية، نافعة بفهم العلم وحفظه والهداية به لمن يقبل عنهم من الضالين كما ينفع الخبث بقبول طائفة أخرى منه من الماء، وإنبات ما يقدره الله من الكلاء وغيره وحفظ طائفة أخرى لطائفة أخرى منه لشرب الحيوان ﴿وإن الله﴾ بجلاله وعظمته لهاديهم، ولكنه أظهر تنبيهاً أخرى منه فقال :﴿لهاد الذين آمنوا﴾ في جميع ما يلقيه أولياء الشيطان ﴿لى الصراط المستقيم*﴾
١٦٥