زعموهم شركاء ﴿له﴾ أي الخلق، فهم في هذا أمثالكم ﴿وإن﴾ أي وأبلغ من هذا أنهم عاجزون عن مقاومة الذباب فإنه إن ﴿يسلبهم الذباب﴾ أي الذي تقدم أنه لا قدرة لهم على خلقه وهو في غاية الحقارة ﴿شيئاً﴾ من الأشياء جل أو قل مما تطلونهم به من الطيب أو تضعونه بين ايديهم من الأكل أوغيره ﴿لا يستنقذوه﴾ أي يوجدوا خلاصه أو يطلبونه ﴿منه﴾ فهم في هذا أحقر منكم، وجهة التمثيل به في الاستلاب الوقاحة، ولهذا يجوز عند الإبلاغ في الذب، فلو كانت وقاحته في الأسد لم ينج منه أحد، ولكن اقتضت الحكمة أن تصحب قوة الأسد النفرة، ووقاحة الذباب الضعف، وهو واحد لا جمع، ففي الحمع بين العباب والمحكم أن عبيدة قال : إنه الصواب، ثم قال : وفي " كتاب ما تلحن فيه العامة " لأبي عثمان المازني : ويقال : هذا ذباب واحد، وثلاثة أذّبة، لأقل العدد ولأكثر ذباب، وقول الناس : ذبابة - خطأ، فلا تقله -.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٧٦
ولما كان هذا ربما أفهم قوة الذباب، عرف أن المقصود غير ذلك بقوله، فذلكة للكلام من أوله :﴿ضعف الطالب﴾ أي للاستنقاذ من الذباب، وهو الأصنام وعابدوها ﴿والمطلوب*﴾ أي الذباب والأصنام، اجتمعوا في الضعف وإن كان الأصنام أضعف بدرجات.
ولما أنتج هذا جهلهم بالله، عبر عنه بقوله، ﴿ما قدروا الله﴾ أي الذي له الكمال كله ﴿حق قدره﴾ في وصفهم بصفته غيره كائناً من كان، فكيف وهو أحقر الأشياء.
ولما كان كأنه قيل : ما قدره ؟ قال :﴿إن الله﴾ أي الجامع لصفات الكمال ﴿لقوي﴾ على خلق كل ممكن ﴿عزيز*﴾ لا يغلبه شيء، وهو يغلب كل شيء بخلاف أصنامهم وغيرها.