ولما كان المتصف بذلك قد يكون وصفه مقصوراً على بعض الأشياء، أخبر أن صفاته محيطة فقال :﴿يعلم ما بين أيديهم﴾ أي الرسل ﴿وما خلفهم﴾ أي علمه محيط بما هم مطلعون عليه وبما غاب عنهم، فلا يفعلون شيئاً إلا بإذنه، فإنه يسلك من بين أيديهم ومن خلفهم رصداً ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وإن ظن الجاهلون غير ذلك، لاحتجاجه سبحانه وتعالى في الأسباب، فلا يقع في فكر اصلاً أن المحيط علماً بكل شيء الشامل القدرة لكل شيء يكل رسولاً من رسله إلى نفسه، فيتكلم بشيء لم يرسله به، ولا أنه يمكن شيطاناً أو غيره أن يتكلم على لسانه بشيء، بل كل منهم محفوظ في نفسه ﴿ا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى﴾ [الحجر : ٩] ﴿وإلى الله﴾ أي الذي لا كفوء له، وحده ﴿ترجع﴾ أي بغاية السهولة بوعد فصل لا بد منه ﴿الأمور*﴾ يوم يتجلى لفصل القضاء، فكيون أمره ظاهراً لا خفاء فيه، ولا يصدر شيء من الأشياء غلا على وجه العدل الظاهر لكل أجد أنه منه.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٧٦
ولا يكون لأحد التفات إلى غيره، والذي هو بهذه الصفة له أن يشرع ما يشاء، وينسخ من الشروع ما يشاء، ويحكم بما يريد.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٧٦