ولما ندبهم لأن يكونوا خير الناس، تسبب عنه قوله :﴿فأقيموا﴾ أي فتسبب عن إنعامي عليكم بهذه النعم وإقامتي لكم في هذا المقام الشريف أني أقول لكم : قيموا ﴿الصلاة﴾ التي هي زكاة قلوبكم، وصلة ما بينكم وبين ربكم ﴿وآتوا الزكاة﴾ التي هي طهرة ابدانكم، وصلة ما بينكم وبين إخوانكم ﴿واعتصموا بالله﴾ أي المحيط بجميع صفات الكمال.
في جميع ما أمركم به، من المناسك التي تقدمت وغيرها لتكونوا متقين، فيذب عنكم من يريد أن يحول بينكم وبين شيء منها ويقيكم هول الساعة ؛ ثم علل أهليته لاعتصامهم به بقوله :﴿هو﴾ أي وحده ﴿مولاكم﴾ أي المتولي لجميع أموركم، فهو ينصركم على كل من يعاديكم، بحيث تتمكنون من إظهار هذا الدين من
١٨٠
مناسك الحج وغيرها ؛ ثم علل الأمر بالاعتصام وتوحده بالولاية بقوله :﴿فنعم المولى﴾ أي هو ﴿ونعم النصير*﴾ لأنه إذا تولى أحداً كفاه كل ما أهمه، وإذا نصر أحداً أعلاه على كل من خاصمه "ولا يزال العبد يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته" - الحديث، "إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت" وهذا نيتجة التقوى، وما قبله من أفعال الطاعة دليلها.
فقد انطبق آخر السورة على أولها.
ورد مقطعها على مطلعها - والله أعلم بمراده وأسرار كتابه وهو الهادي للصواب.
١٨١
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٧٨


الصفحة التالية
Icon