النعيم، وفريقاً إلى الجحيم، فإنا قادرون على الإعادة وإن تمزقتم وصرتم تراباً فإنه تراب له أصل في الحياة، كما قدرنا على البداءة فلقد خلقنا أباكم آدم من تراب الأرض قبل أن يكون للتراب أصل في الحياة، عطف عليه قوله، دلالة على هذا المقدار واستدلالاً على البعث مظهراً له في مقام العظمة، مؤكداً إقامة لهم بإنكارهم للبعث مقام المنكرين :﴿ولقد خلقنا الإنسان﴾ أي هذا النوع الذي تشاهدونه أنساً بنفسه مسروراً بفعله وحسه ﴿من سلالة﴾ أي من شيء قليل، بما تدل عليه الصيغة كالقلامة والقمامة، انتزعناه واستخلصناه برفق، فكان على نهاية الاعتدالن وهي طينة آدم عليه الصلاو السلام، سلّها - بما له من اللطف - ﴿من طين*﴾ أي جنس طين الأرض، روى الإمام أحمد وأبو داود والترميذي عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال :"إن الله خلق آدم عن قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، جاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك، والخبيث والطيب وبين ذلك" ولما ذكر سبحانه أصل الآدمي الأول الذي هو الطين الذي شرفه به لجمعه الطهورين، وعبر فيه بالخلق لما فيه من الخلط، لأن الخلق - كما مر عن الحرالي في أول البقرة : تقدير أمشاج ما يراد إظهاره بعد الامتزاج والتركيب صورة، مع أنه ليس مما يجري على حكمه التسبيب التي نعهدها أن يكون من الطين إنسان، أتبعه سبحانه أصله الثاني الذي هو أطهر الطهورين : الماء الذي منه كل شيء حي، معبراً عنه بالعجل لأنه كما مر أيضاً إظهار أمر سبب وتصيير، وما هو من الطين مما يتسبب عنه من الماء ويستجلب منه وهو بسيط لا خلط فيه فلا تخليق له، وعبر بأداة التراخي لأن جعل الطين ماء مستبعد جداً فقال :﴿ثم جعلناه﴾ أي ا لطين أو هذا النوع المسلول من المخلوق من الطين بتطوير أفراده ببديع الصنع ولطيف الوضع ﴿نطفة﴾ أى ماء دافقاً لا أثر للطين فيه ﴿في قرار﴾ أي من الصلب والترائب ثم الرحم، مصدر جعل اسماً


الصفحة التالية
Icon