ولما بين لهم أن فكرهم فيهم يكفيهم، ولا عتقاد البعث يعنيهم، أتبعه دليلاً آخر بالتذكير بخلق ما هو أكبر منهم، وبتدبيرهم بخلقه وخلق ما فيه من المنافع لاستبقائهم، فقال :﴿ولقد خلقنا قوقكم﴾ في جميع جهة الفوق في ارتفاع لا تدركونه حق الإدراك ﴿سبع﴾ ولإرادة التعظيم أضاف إلى جمع كثرة فقال :﴿طرائق﴾ أي سماوات لا تتغير عن حالتها التي دبرناها عليها إلى أن نريد، وبعضها فوق بعض متابقة، وكل واحدة منها على طريقة تخصها، وفيها طرق لكواكبها ؛ قال الإمام عبد الحق الإشبيلي في كتابه الواعي : سميت طرائق لأنها مطارقة بعضها في أثر بعض - انتهى.
وهذا من قولهم : فلان على طريقه - أي حاله - واحدة، وهذا مطراق هذا، أي تلوه ونظيره، وريش طراق - إذا كان بعضه فوق بعض.
وقال ابن القطاع : وأطرق جناح الطائر - أي مبنياً للمجهول : ألبس الريش الأعلى السفل.
وقال أبو عبيد الهروي : وأطرق جناح الطير - إذا وقعت ريشة على التي تحتها فألبستها، وفي ريشه طرق - إذا ركب بعضه بعضاً.
وقال الصغاني في مجمع البحرين : والطرق أيضاً بالتحريك في الريش أن يكون بعضها فوق بعض، وقال ابن الأثير في النهاية : طارق النعل - إذا صيرها طاقاً فوق طاق وركب بعضها على بعض، وفي القاموس : والطراق - ككتاب : كل خصفة يخصف بها النعل وتكون حذوها سواء وأن يقور جلد على مقدار الترس فيلزق بالترس، وقال القزاز : يقال : ترس مُطرَق - إذا جعل له ذلك، وقال الصغاني في المجمع : والمجان المطرقة التي يطرق بعضها على بعض كالنعل المطرقة - أي المخصوفة بعضها على بعض، ويقال : أطرقت بالجلد والعصب، أي ألبست، وقال أبو عبيد : طارق النعل - إذا صير خصفاً فوق خصف،
١٨٩
وقال في الخصف : هو إطباق طاق على طاق، وأصل الخصف : الضم والجمع، وقال القزاز : وطارقت بين النعلين والثوبين : جعلت أحدهما فوق الآخر - انتهى.