ولما كان هذا تعليلاً لما سبقه من الأمر، عطف على لفظه قوله :﴿وإن﴾ بالكسر في قراءة الكوفيين، وعلى معناه لما كان يستحقه لو أبرزت لام العلة من الفتح في قراءة غيرهم ﴿هذه﴾ أي دعوتكم أيها الأنبياء المذكورين إجمالاً وتفصيلاً وملتكم المجتمعة على التوحيد أو ا لجماهة التي أنجيتها معكم من المؤمنين ﴿أمتكم﴾ أي مقصدكم الذي ينبغي أن لا توجهوا هممكم إلى غيره أو جماعة أتباعكم حال كونها ﴿أمة واحدة﴾ لا شتات فيها أصلاً، فما دانت متوحدة فهي مرضية ﴿وأنا ربكم﴾ أي المحسن إليكم بالخلق والرزق وحدي، فمن وحدني نجا، ومن كثر الأرباب هلك.
ولما كان الخطاب في هذه السورة كلها للخلص من الأنبياء ومن تبعهم من المؤمنين، قال :﴿فاتقون*﴾ أي اجعلوا بينكم وبين غضبي وقاية من جميع عبادي بالدعاء إلى وحدانيتي بلا فرقة أصلاً، بخلاف سورة الأنبياء المصدرة بالناس فإن مطلق العبارة أولى بدعوتها.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٠٣
ولما كان من المعلوم قطعاً أن التقدير : فاتقى النبياء الله الذي أرسلهم وتجشموا حمل ما أرسلهم به من عظيم الثقل، فدعوا العباد إليه وأرادوا جمعهم عليه، عطف عليه بفاء السبب قوله معبراً بفعل التقطع لأنه يفيد التفرق :﴿فتقطعوا﴾ أي الأمم، وإنما أضمرهم لوضوح إرادتهم لأن الآية التي قبلها قد صرحت بأن الأنبياء ومن نجا معهم أمة واحدة لا اختلاف بينهما، فعلم قطعاً أن الضمير للأمم ومن نشأ بعدهم، ولذلك كان النظر إلى الأمر الذي كان واحداً أهم، فقدم قوله :﴿أمرهم﴾ أي في الدين بعد أن كان
٢٠٧


الصفحة التالية
Icon