لفسدت ذات البين، بحايتهم لأنفسهم وهم كثير، وتعصّب أودّائهم لهم، إلا بأمر خارق يعصم به من ذلك كما كشفت عنه التجربة حين خطب النبي ﷺ وقال :"من يعذرني من رجل بلغ أذاه في أهلي" حين كادوا يقتتلون لولا أن سكنهم النبي صلى الله عليه سلم، فالله سبحانه برحمته بكم يمنع من كيدهم ببيان كذبهم، وبحكمته يستر عليهم ويخفيهم، اتنحسم مادة مكرهم، وتنقطع أسباب ضرهم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٣٥
ولما كان هذا مقتضياً للاهتمام بشأنهم، أتبعه قوله، تحقيراً لأمرهم مخاطباً
٢٣٩
للخلص وخصوصاً النبي ﷺ وأبو بكر وعائشة وأمها وصفوان بن المعطل رضي الله عنهم :﴿لا تحسبوه﴾ أي الإفك ﴿شراً لكم﴾ أيها المؤمنون بأن يصدقه أحد أو تنشأ عنه فتنة ﴿بل هو خير لكم﴾ بثبوت البراءة الموجبة للفخر الذي لا يلحق، بتلاوتها على مر الدهور بألسنة من لا يحصى من العباد، في أكثر البلاد، وتسلية الرسول ﷺ والصديقين بذلك، مع الثواب الجزيل، بالصبر على مرارة هذا القيل، وثبوت إعجاز القرآن بعد أعجازه بالبلاغة بصدقه في صيانة من أثنى عليها في ذلك الدهر الطويل، الذي عاشته مع رسول الله ﷺ وبعده غلىأن ماتت رضي الله تعالى عنها أتقى الناس ديانة، وأظهرهم صيانة، وأنقاهم عرضاً، وأطهرهم نفساً، فهو لسان صدق في الدنيا، ورفعة منازل في الآخرة إلى غير ذلك من الحكم، التي رتبها بارىء النسم، من الفوائد الدينية والأحكام والآداب.