ولما بدأ بالقومة من الرجال، ثنى بالنساء فقال :﴿وقل للمؤمنات﴾ فرغب أيضاً بذكر هذا الوصف الشريف ﴿يغن﴾ ولما كان المراد الغض عن بعض المبصرات وهم المحارم قال :﴿من أبصارهن﴾ فلا يتبعنها النظر إلى منهي عنه رجل أو غيره، وأجابوا عن حديث عائشة رضي الله عنها في النظر إلى لعب الحبشة في المسجد باحتمال أنها كانت دون البلوغ لأنها قالت : فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو.
﴿ويحفظن فروجهن﴾ عما لهن من كشف وغيره.
٢٥٧
ولما كان النساء حبائل الشيطان، أمرن بزيادة الستر بقوله : ناهياً عن الزينة ليكون النهي عن مةاقعها من الجسد أشد وأولى ﴿ولا يبدين زينتهن﴾ أي كالحلي والفاخر من الثياب فكيف بما وراءها ﴿إلا ما ظهر منها﴾ أي كان بحيث يظهر فيشق التحرز في إخفائه فيدا من غير قصد كالسوار والخاتم والكحل فإنها لا بد لها من مزاولة حاجتها بيدها ومن كشف وجهها في الشهادة ونحوها.
ولما كان أكثر الزينة في ألأعناق والأيدي والأرجل، وكان دوام ستر الأعناق أيسر وأمكن، خصها فقال :﴿وليضربن﴾ من الضرب، وهو وضع الشيء بسرعة وتحامل، يقال : ضرب في عمله : أخذ فيه، وضرب بيده إلى كذا : اهوى، وعلى يده : أمسك، وضرب الليل بأوراقه : اقبل، والضارب : اليلي الذي ذهبت ظلمته يميناً وشمالاً وملأت الدنيا، والضارب : الطويل من كل شيء والمتحرك.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٥٤
ولما كان المقصود من هذا الضرب بعض الخمار، وهو ما لا صق الجيب منه، عداه بالباء فقال :﴿بخمرهن﴾ جمع خمار، وهو منديل يوضع على الرأس، وقال أبو حيان : وهو المقنعة التي تلقي المرأة على رأسها.